الجمعة، 15 سبتمبر 2006

حوار لا تعـوزه الصراحة

عن ماذا ستكتب هذا الأسبوع؟
قلبت الأوراق المطروحة على المنضدة.. أعدت قراءتها.. رسائل.. إبداعات.. إستطلاعات.. تأملات، هذا الذي تختزنه الذاكرة من معايشات يومية.. وفي كل ورقة موضوع كبير وربما أكثر.. وكل الأوراق تشترك في بحث موضوع كبير وأكثر أيضا.. لكن هناك موضوع غير موجود أصلا بين الأوراق وأظنه لايطرح عادة، هذا الموضوع الأبدي بات يشكل في مفاهيمنا موضوع جدلي لا شيء .
إنه سؤال الموت!، الذي يعتبره الكثيرين ظاهرة طبيعية تخيف الذات وترعبها. بل لغز محير يدفعنا إلى نسيان الموت أو التسليم بها والركون إلى إجابات قطعية.. حقا ماذا أكتب هذا الأسبوع؟ .
فالموضوع محير.. وسؤال الموت يتأرجح بين الوضوح واللاوضوح. فهذا العالم يعد فضاء مبهما بل لغزا كبيرا لقدر الإنسان .
لقد تطرق بعض الفلاسفة والعلماء المختصين الذين حولوا الموت من حالة إلى موضوع للدراسة والتأمل ..
ولم ينتظر إجابتي. وبادرني عن ماذا ستكتب، عن الموت!!!.. بصراحة، لا أجد فائدة فيما تكتبون .
لماذا؟ .
كتبتم كثيرا.. وكثيرا مما كتبتم عنه لم يزل باقيا.. إن لم يزد عتيا
ألا تؤمن بالتأملات والدراسات.. في حل موضوع ما؟
بلى.. لكن لي فهم للتأملات والدراسات قد لايتطابق وفهمك فأنا أعتقد بتأملات ودراسات مايتعلق بحياتي مباشرة، وليس كموضوعك الذي ليس له معنى، أو بمعنى آخر مادة بدون حركة وهذا غير معقول بقدر ماهي الحركة بدون مادة ..
وحتى.. حسب فهمك هذا للتأملات والدراسات أما ترى أنك قليل الصبر وأن الضروري إستخراج أفكار جديدة تسمح بالتسائل من جديد.. فلو نظرنا الى الموت كمادة فانية، لوجدنا مفارقة عظيمة بين الإحساس بالغربة والفزع تجاه الخطاب حول الموت التي تطارد كل واحد منا من جهة وواقية هذه الظاهرة التي يتكرر حدوثها بشكل عيني .
لست وحدي من خدله الصبر.. فهذه طبيعتنا كجنس بشري!! .
يتضح الآن بجلاء أن خطاب الموت يثقل كاهل العقل ويفرض ذاته على فكر المتأمل أو الإنسان العادي ولو بدرجات.. وعلينا أن ننطلق من فهم أن الموت لايمكن أن يبعد مطلقا عن هاجس فكر الإنسان، بإعتبار الأخير ذاتا للموت. وبالتالي نرى بوضوح أكثر الجوانب كلها، وحتى وقع هذا الذي تسميه مادة بدون حركة يكون له منحى مغاير ويجعله مثار نقاش لا نهائي .
تم تأمل جيدا.. من الذي يجعل سؤال الموت يظل مهمشا إجتماعيا ومن الذي جعل هذا العالم محددا. أليسوا من هذا الجنس البشري.. إنهم أنا وأنت وهو وهي.. إننا يجب أن نقول الحقيقة كاملة مالنا وما علينا، ونكشف هذا التحديد، ونعرف أن شروط وعلل الموت متباينة وليست موحدة بالرغم مما يبدو سطحيا. وسنرى .
وهدأ صاحبي.. ودمدم بكلمات خافتة.. (ماتقوله صحيح ولكن..) .
حين تنجلي الغيمة تماما من أمام عينك ستنجلي معها الــ((لكن)) هذه أيضا ...