الجمعة، 23 يناير 2009

الحرية في فلسطين

أصوات المحركات تتعالى، وهدير الطائرات تصمم الآذان، خرجت أم خالد تستطلع الأمر يبدو أنه عدوان مركز على قطاع غزة الفلسطينية، الصواريخ تنهار من السماء كوابل من المطر، وترتطم على منازل المدنيين باعثة الدمار في كل مكان وفي جميع الجهات...
فلا ترى سوى بصيص من أنوار تبحث لها عن طريق في الغبار الذي شكل سدا كبيرا منيعا أمام العيون... الأرض تشتعل والجو ممتلئ بالدخان ورائحة البارود تزكم الأنوف.. والجثت تحت الأنقاض.. شقت أم خالد طريقها الى الغرفة وتناولت طفلها من المهد، واتجهت صوب المعبر كانت الطريق عامرة بالنازحين.
تعبت أم خالد وجلست على الأرض بينما أشعة الشمس تشرق ابتسامة الصبح الوضاح وترسل جرعات من الدخان الكئيبة، كادت أن تفقد وعيها، لقد تركت طفلها في الغرفة تحت القصف الإسرائيلي.
عادت الى القطاع، كان المنزل أكوام من تراب، كل شيء هادئ، السكون خيم على المكان.. فتشت عن الغرفة التي كانت تسكنها، إنها كومة مثل بقية غرف المنزل، نبشت الكومة ووجدت أصابع يد طفل صغير وذراعا وساقا، فتشت في كل مكان، ومن مكان غير بعيد رقد رأس دون جسد نظرت الى وجهه، شعره، ابتسامته التي لم تجف بعد وقالت: غريب أمرك يا حبيبي حتى في موتك تبتسم!
وضعت أم خالد الأطراف والرأس على المخدة.
نام يا خالد نام
شربت كأس الحمام
نظرت إليه ونادته: هل نمت يا صغيري؟ تقدم شاب أسمر وحمل المخدة وعند الوداع قال:
سنكمل الطريق يا أم خالد، ستعودين لتجدي خالدا قد ولد من جديد..
إن الله يكرم فلسطين ويزكيه وقد يبتلي الفلسطينيين، فالأخضر أبقى من الرمادي، وصلاح القيم والمبادئ أقوم للمرء وأعدل له. وذلك لن يتحقق إلا بتغيير العقليات التي باتت تداوم على الإختلاس والمكر والخديعة.
بل يمتد الى أعماق ذواتنا وكينوناتنا.
إنه مصير وقدر مجتمعاتنا المتخلفة التي تبدع الكلام والسعادة المؤجلة.
فمتى ينبلج فجر التعقل؟ ومتى يسطع شعاع الحرية في فلسطين؟