الجمعة، 28 يوليو 2006

الواقع الإفتراضي

أمام إنتشار الإبحار الرقمي وتسهيل الإنخراط في الشبكة العنكبوتية. تحول بعض الشباب إلى حالات إدمان صعبة، مادامت أبواب الفضاء الرقمي مفتوحة على مصراعيها.
وهكذا تتصدر غرف الدردشة أو 'التشات' القائمة بالنسبة لمستعملي الإنترنت، حتى صار 'التشات' مرادفا للأنترنت عند الكثيرمن الشبان والشابات، الذين أدمنوا على هذا النوع من وسائط الإتصال التي تمكنهم من تجاوز كل الحواجز سواء كانت مادية أو ثقافية.
هذه الوسيلة المتطورة. ومن خلال شهادات بعض أصدقائي، ليس إلا وسيلة من أجل ممارسة سلوكات تقليدية، ومجرد كلام فارغ لا معنى له، والتضيق على الفتيات، وهذا يعني أن الشات تحول إلى فضاء جيد لبناء الفخاخ، لكنه فضاء آمن تبحث من خلاله فتاة محترفة، عن (ضحية) يبحث عن ليلة حمراء. وأكثر من هذا وذاك فإن التطور السريع الذي عرفته تقنيات التواصل عبر الإنترنت، جعل هذا العالم الإفتراضي يقترب يوما بعد آخر من عالم الواقع بفعل استعمال الكاميرات أو 'الويب كام' التي تمكن الأطراف المتصلة من إقامات علاقات جنسية في هذا العالم الإفتراضي.
ولهذا علينا الحذر، فعالم الدردشة الإفتراضية شاسع بمرتاديه وبإختلاف طبائعهم وحيلهم ورغباتهم وإستهاماتهم، وبصدقهم كذلك. لكنه صدق لا مناص من أن يسبقه حذر، وهو أمر طبيعي، وعلى هذا المنهج أعتمد مادام الإفتراض يحتاج إلى دليل صحته.
فحسب وجهة نظري وإستطلاعات للرأي قمت بها، فأغلبية مهووسو الشبكة العنكبوتية، يكون الشغل الشاغل هو البحث عن شاب أو شابة، وخاصة الذين يقصدون غرف الدردشة. فيكون الهدف في الغالب الإيقاع بضحية من طرف الذكور، أو البحث الجدي عن الطرف الآخر من أغلب الإنات، يليهم الباحثون عن الهجرة، وعن قضاء وقت في الدردشة التي لا معنى لها، ثم بعض الشواد جنسيا. أما معرفة ثقافة الآخرين وتقاليدهم فجاءت بنسبة 0,1 في المئة مقابل 75 بالمئة لفئة الإيقاع بالضحايا والباحثون عن فرص للهجرة ثم يليهم الشواد 15 بالمئة وأخيرا الجديين 9,9 بالمئة .
فيبقى الإتصال مع العالم الإفتراضي هو المهم لدى هذه الشريحة أو الأمر يتعلق بقضاء وقت.

الجمعة، 21 يوليو 2006

استنطاق

جمع القدر بينهما. كانت البداية عبر رسائل الصداقة عرف الطالب "ناصر" أن ذاكرته لم تخنه، عن اللقاء الأول وعن ظروف الفشل الدراسي والضيق المالي التي تعرض لهما. لكن مساعدة أصدقائه خفف شيئا ما من نكبة فترة الصيف. يحكي ناصر عن رحلة فترة الصيف. حيث شاءت الأقدار أن تحفظها الذاكرة.
*ماذا كنت تكتب في مذكراتك التي دونتها في فترة الصيف؟
كل مايخطر على بالي مقالات أشعار، أكتب عن تفاصيل من حياتي السابقة، عن كل شئ وأي شئ .
*ألا زلت تحتفظ بما كتبت؟
شذرات مما كتبت فقط. أما الباقي فقد حرقته. لكني أفكر الآن بشكل جدي في إعادة كتابته. كنت أطلع بعض الطلبة المتميزين على ما كتبته، والحقيقة أنهم شجعوني أكثر، لم تكن حياة عادية تلك التي عشتها في فترة الصيف، فالمصائب تأتي دفعة واحدة ولا تهمل صاحبها وقت تفاديها، فقد كنت ما إن أنهض من نكبة حتى أسقط في أخرى. عندما تم العام الدراسي خرجت النتيجة هزيلة، وباء العام بالفشل وبمجرد نسيان هذا وقعت في ضيقة مالية كبيرة.. في ظل هذه المواجهات والسلسلة من المشاكل التي لا تنتهي. بفضل الله، وبفضل الأصدقاء الطيبين مرت المحنة بسلام، لكنها تركت آثارها النفسية ..
*لابد أن فشلك الدراسي قريب جدا من الضيق المالي خلال تلك الفترة؟
ليس من بين الشيئين من هو أقرب إلىّ من الآخر. الإثنان في منزلة واحدة. صحيح أنه كان قريبا مني في فترة الصيف، خصوصا في منتصف تلك الفترة، التي تلقيت فيها دروسا عن علم الفلسفة ثم بدأت التكوين بالمركز التربوي.
*ألم يعارضك أحد في مصاحبة الفتاة البريطانية، خصوصا وأنك في سن لا يتجاوز العشرين؟
لم يقبل أصدقائي مسألة الصديقة اللندنية المسقط، ثم تحفظي من فكرة الإرتباط بفتاة أجنبية من جهة أخرى. لقد أعطيت لي أوامر من طرف أصدقائي من عدم التفكير في ربط علاقة من فتاة تكبرني سنا. هناك العديد من الطلاب العرب الذين يرتبطون بفتيات أو أرامل أو مطلقات لكي يحصلوا على الجنسية الأجنبية فقط. قلت لهم: فلتكن إذن فتاة أحبها ومن سني .
*متى تغضب من أصدقائك؟
هذه مسألة نادرة ماتقع. من طبع بعض الأصدقاء أنهم يغضبون بسرعة، لكنهم يتراجعون عن موقفهم بسرعة كذلك. والحقيقة أن محاسنهم أكثر بكثير من مساوئهم. إذا أحبوا إنسانا فإنهم يعطوه كل مالديهم، لا يعرفون الحد الوسط، صحيح أن انشغالاتهم الدراسية لا تنتهي، لكنهم يبذلون مجهودا للتوفيق بين التزاماتهم. تأتي لحظات تكون فيها خلافات. لست مجنونا لكي أدعي عكس ذلك. لايوجد في الدنيا من لايختلف مع الأخر، لكنها سرعان ما تتلاشى وتستعيد الحياة صفوها من جديد.
*من يتدخل لحل النزاعات بينكم؟
مند تعرفنا ونحن نعرف كيف نحل مشاكلنا في ما بيننا دون اللجوء الى أحد. أذكر أنه نشب خلاف بسيط بيني وبين أحد أصدقائي، والحقيقة أنه كان شيئا تافها. كنت أذهب الى الجامعة كل صباح وبحكم أنه يدرس حرا لم يكن يلزمه الإنضباط للتوقيت الدراسي. مما يحعله لا مباليا، فيما أكون دائما على على عجلة من أمري، الشئ الذي كان يثير غضبي، حيث أكره الوصول متأخرا. الى أن نفد صبري وطلبت منه أن يفارقني غضب مني وقال: كان عليك أن تقول لي أني أتأخر.
*كلمة أخيرة؟
كنت أجد مايقوله أصدقائي هو عين الصواب، والحقيقة أنهم إسم على مسمى، أما في مايخص الفشل الدراسي والضيق المالي. فقد كانت لدي قناعة تامة بأني سأحقق كل ما أريد. تعلمت من أبويّ وأصدقائي الصبر والمثابرة. فقد تربيت على المقاومة وعدم الإستسلام للظروف. لدرجة أنني كلما رأيت هدفا أو مشروعا صغيرا يتحقق، أحسست بالفخر، دون التفكير في أهمية المشروع في حد ذاته.

الجمعة، 14 يوليو 2006

واقع الحال

جاء الصباح باردا جميلا، انسحبت من فراشي في هدوء، اتجهت إلى المرحاض، نظرت إلى المرآة بتمعن وكأن الوجه الذي أمامه ليس وجهي. كان غامق السمرة يميل إلى الشحوب خدان بارزان وجبين تظهر عليه علامة اليأس، رغم برودة الصباح، وضعت رأسي تحت الصنبور، وتركت الماء ينسكب عليه، رفعت رأسي مجددا صوب المرآة مازالت عيناي ناعستين، ورأسي ثقيل، دخلت المطبخ ثم فتحت الثلاجة، وأخرجت منها إبريق قهوة المعدة سلفا، ووضعته على الموقد، أخرجت ملابسي من الصوان، وخلعت البيجامة، وارتديت ملابسي في فتور أسرعت إلى الموقد لأنقد ماتبقى في الإبريق من قهوة تناولت فطوري، وخرجت مسرعا.
في مثل هذا الصباح تكون المدينة هادئة، كنت أحس أني أشارك فيها وأني جزء من هذه المدينة، لكني اليوم مشتت الأفكار، وأحس بدوار. دلفت إلى مكان عملي، طلبت كأس ماء وحبة اسبرين، شربتها على الفور، فشعرت بدفء ونشاط شيئا فشيئا، ثم باشرت عملي. لشدة ما أكره معالج النصوص لكن ما يربطني به هو عملي، رحت أعمل بجهد جهيد حتى دمعت عيني من ضوء شاشة الحاسوب، ابتعدت عنها وأنا أحس بدوار. تناولت جريدة متخصصة في مجال الإنترنت. ليتني أهدأ لكن السطور مشتبكة لا أقدر على قراءة شئ، وقفت بغتة كنت أدرك أن شيئا سيحدث، دخلت على مكتب المدير تلعتمت قبل أن يأذن بانصرافي، خرجت لا ألوي على شئ. أحسست بالغثيان فاستنشقت الهواء بتلهف. ثم انطلقت الى بيتي، فخامرني شعور غريب مفاده أن هذا هو واقع الحال.
دخلت البيت. ثم استغرقت في نوم عميق.

الجمعة، 7 يوليو 2006

السطور المنتفضة

تأملات مملوءة بالتوجس، لكن الصمت يلتهمها. أمسكت القلم وكتبت في مفكرتي : "ماذا وقع في هذه المدينة؟ ! اكتسحت المنازل الخضرة، كثرت المقاهي كأنها الفطر، نشطت السمسرة في عقل بني آدم، لا فرح يبشر ولا سرور يبهج، فقط الموسيقى تصمم الأذان... تذكرني بأيام الصبا.
خرجت إلى الشارع أجوب الطرقات، نسيم الريح يميل الأشجار، ويداعب النهود التي في الصدور والأطيار التي في السماء. دنا شاب من فتاة مليحة ،وهمس لها بكلام. بلا تردد أجابته بلغة أجنبية، واندس بين الناس واختفى في الزحام، فقلت حينئد : "أن اللغة من أخطر النعم".
كنت أمشي متثاقلا، يرافقني بيت شعري يقول:
كل شئ له دواء يستطب به ** إلا الحماقة أعيت من يداويها
وجوه مثل القمر وأخرى كالحجر والفرق كبير شبيه بالنور والظلام. أمام محل ساندويش وقفت طفلة وفمها يسيل من اللعاب، أدركها شخص فأشار إليها، فذهبت إليه مسرعة، لا أعرف ماذا كان بينهما. لأن الزحام الكثير جعلني اتجه إلى زقاق يسهل تعداد المارين به. التقيت صديقا لم أره مند سبع سنوات ونيفا. تعانقنا بحرارة وكلانا يلعن هذا الواقع الذي فرق بيننا. آه كم استحضرنا من صديق في هذه اللحظات المعينة لكن كل ما نعرف هو أننا لا نعلم عنهم شيئا أذكر أننا تواعدنا مساء يوم حار من أيام شهر يوليوز في مدينة البهجة. إستقل هو طاكسي صغير، فيما ركبت أنا حافلة الرصيف رقم 2، حافلة تحسب نفسك داخلها في سوق شعبي. فيها بيض وسكر ودجاج وأرانب وخضروات و... مرة قلت مازحا لطالب يجلس بجانبي: خيرات هذه الحافلة تجعلنا لا نبرحها لمدة شهر، فقهقه عاليا، إلا أن رجلا مسنا لم تعجبه قهقهة الشاب فرد عليه بأن الضحك له حدود وأنه... لم يدعه يتمم الحديث فقال له: من حقي أن أضحك وإذا كانت زوجتك تنغص حياتك لأنك تقدمت في السن. فما ذنبي أنا؟ كاد الأمر أن يتطور إلى عراك لولا تدخل بعض الركاب.
مرت سبع سنين دون أن ألتقي بناصر. هزل جسمه وبح صوته رغم أنه في ريعان شبابه، كان يرتدي قميصا وسروال دجينز..
كان يكتب قصائده في الليل وفي الصباح يقرأها على طلبة متميزين ثم يحرقها. وعندما استفسرته مرة عن ذلك قال: إنها تحرقني لحظة الكتابة! طالما دافع عن شعراء عظام مثل: شوقي والبارودي لكن كان يهوى المتنبي كثيرا أما الأسماء الأخرى فيطالبها بالإبتعاد عن الشعر لانه ليس حرفة !.
تابعنا السير جهة الساحة العامة نستحضر الذكريات، الحماقات، السخرية من طلبة كانوا يدمنون الإستمناء، من أساتذة يتهربون من من أسئلة الطلبة !.
جلسنا على كرسي من الكراسي العمومية نشاهد الغادين والرائحين، دخن سجارة ثم قال لي: "أبوح لك أنه عندما كنا صغارا قالوا لنا: ليس التأليف عار لكن العيب كل العيب أن توقض بإيمان شعرك قلوبا قفارا". أسدل الليل ستائره المعتمة، والأضواء المتناثرة توصل بإشعار مدينة ساحرة. قلت لصديقي: لما لاتكتب رواية؟ وقف بغتة ثم قال : سأكتب رواية أحكي فيها محطات عذابي على سطور منتفضة، ولن أضرم فيها النار، بل سأبحث عمن يترجمها إلى الإنجليزية.
عدنا من حيث أتينا واقترحت عليه أن نتناول شيئا، غير أنه اعتذر قائلا: أنا الليلة بدون شهية لدي موعد مع السطور بعد ساعات، أكتب لي عنوانك، سأبعث لك رسالة مستقبلا، أراك قريبا.

السبت، 1 يوليو 2006

إتفاقية الإستخدام

لايجوز إعادة النشر بأي وسيلة لأي مادة نشرتها مدونة أوراق متضاربة منذ صدر يوليوز 2006 وحتى تاريخه دون موافقة من صاحب المدونة وإلا اعتبر خرقا لقانون الملكية الفكرية.
يرجى إستخدام الموقع بمسؤولية.
وشكراً.

للمراسلة

نشكر لك مطالعتك لمدونتنا "أوراق متضاربة" ورغبة في تواصل بناء بين الناشر والقارئ، وباعتبار أن رأيك مهم بالنسبة لي، فيسعدني أن ترسل إليّ دائماً بملاحظاتك، لكي ندفع سويا مسيرتنا الى الأمام ويعود النفع على القارئ وإليّ.
وهاك بريدي الإلكتروني الشخصي للمراسلة :
sky.nasser [at] yahoo [dot] com
وأحيطك علما أن ما أتوصل به من ملحوظات وانتقادات واقتراحات وتزكيات وتشجيعات، سوف أعتبرها من أغلى ما أملك لتبقى مرجعا لعملي ومرشدا لطريقي الذي ألزمه.. والله يقول الحق ويهدي الى سواء السبيل.

سيرة ذاتية

* بطاقة تعريف المُدوّن : سعيد ناصر
* السيرة الذاتية: ((سعيد ناصر ولد في مدينة مراكش ولكن ليس ابن مراكش الحمراء فقط.. هو ابن الرباط.. وهو ابن البيضاء.. هو ابن الصحراء.. هو ابن البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلنتي وهو ابن طنجة والكويرة.. هو ابن فلسطين والمدينة وبغداد ودمشق ومصر.. هو ابن كل المدن المغربية وهو ابن الشعب المغربي.. والأرض المغربية والهواء المغربي.. وهو ابن الوطن العربي والأمة العربية.))
* بطاقة تعريف المدونة: أوراق متضاربة
مدونات أسبوعية تشتمل على عدة موضوعات تتناول الثقافة والإبداع والدين والسياسة والتدوين.. لعلها تكون مقدمة للإستفادة والإطلاع الواسع للمبحرين عن التدوين الإلكتروني.
ثم إنشاء المدونة في صدر يوليوز 2006م الموافق لـ 1427هـ .))
* إعتذار من كاتب المدونة :
((آسف إذا تعرضت خلال الإدراجات لإشياء قد تكون غير إعتيادية ربما، لكن الحقيقة تملي علي أن أقول ما عندي بلا تحفضات أو حساسيات. فقط أردت أن أعامل تجربتي في الحياة والتدوين باحترام وصدق، بكل ما فيها من ضعف ونزوات مرة أخرى، ان كنت قد تجاوزت حدودي في هذه المدونة، فالجاني هنا هو الصدق وحده.))