الجمعة، 30 نوفمبر 2007

أين الحسنات؟

جيء بأعرابي لأحد الولاة لمحاكمته على تهمة، فلما دخل عليه في مجلسه أخرج كتاباً ضمنه قصته وقدمه له وهو يقول :
هاؤم اقرؤوا كتابيه.
فقال له الوالي : إنما يقال هذا يوم القيامة، فقال : هذا والله شرّ من يوم القيامة، ففي يوم القيامة يؤتى بحسناتي وسيئاتي، أما أنتم فقد جئتم بسيئاتي وتركتم حسناتي.
تذكرت هذه القصة وأنا أقرأ عن الوطن العربي إن الحوار بشأنه الآن قد وصل الى حد، نفتح فيه أعيننا على الآلام والأحزان، لحظات الفرح والسعادة عندنا نادرة عابرة نقضي ايام عمرنا بالتفكير المتواصل، ونشعر بالقلق على الدوام.
تربينا على التعايش مع الواقع الأليم، وانصهرنا مع الهموم لنشكل معها كتلة صلبة لا تنفصم.
عندما نضحك يكون ضحكنا خارجا من جروح القلب، كما يقولون، بل نستعيذ من شر الضحك، متوقعين حصول الأسوأ لأننا خرجنا عن قاعدة الحزن، ولو لدقائق معدودة.
وسط هذا الليل العربي المظلم الطويل يسطع في كبد السماء نور مضيء يخفف من قسوة العتمة.. يثبت أن هذه الأمة ستبقى رافعة الرأس بحسناتها.. ولو الى حين.

الجمعة، 16 نوفمبر 2007

ليس وقت بكاء..

عندما اقام اليهود كيانهم المهزوز كانوا واضعين في صميم تفكيرهم انهم سوف يواجهون على ارض فلسطين العربية امة قوية كأمة صلاح الدين. لكن القوة كشفت لهم انهم يواجهون كثرة بشرية تسودها الفرقة فوق الوهن والضعف على ارض المجد العربي الخالد. كان هذا وضع العرب وراء التخلف عن قطار الغرب الحضاري الذي اتى عليه اليهود بالقوة ليقيموا مجازر الأبرياء ويسفكوا الدماء، ويشردوا شعبا بكامله ليضعوا امام العالم قضية صارت تعرف بقضية اللاجئين الفلسطينيين بدل قضية اغتصابهم للأرض التي شردوهم منها. حدث هذا والعرب تدور بينهم حروب الفرقة.
اسرائيل احتلت وقتلت وشردت والعرب ينظرون.. ثم احتلت الأقصى واحرقته. وأخدت تنتهك حرمات العرب ضاربة بها عرض الحائط، ثم وقعت على ضعف العرب بالمجازر الآدمية ولم يشعر بها احد.

الجمعة، 9 نوفمبر 2007

عن أهمية التدوين في نهضة المجتمع

سبق أن تحدثنا في مقالات عديدة عن مسألة التدوين في مجتمعنا وما تعطيه هذه التدوينات لاحداث الواقع من قوة تأثيرية بالغة العمق تترجم الكثير من احداثه..
ولذلك يعطي المدونون المتميزون في مجال التدوين العالمي والعربي اهمية استثنائية للموضوعيّة الجادّة باعتبارها لوحة من الواقع الحسّاس المُصوّر الذي يعكس بامانة ودقة صراع الأحداث وتشابكها لتجسمه في إطار من النزاهة والمصداقية بعيداً عن الذاتية.
واعترف ان مجتمع التدوين الطيب، مازال وليدا في مجتمعنا لم يبلغ بعد سن الرشد، لأن المهتمين بعالم التدوين والموهوبين فيه اندرجوا في صياغة إدراجات <لاتسمن ولاتغن> وهم في هذا الإتجاه معذورون لفقرهم الثقافي أو سوء فهمهم في هدف وجودهم في هذا المجتمع الإفتراضي. لكن من الإنصاف أن نتحدث انه في الآونة الأخيرة انضم الى هذا المجتمع الكبير، مدونون جادون لهم باع في الصياغة التدوينية، لأن واقعهم والمامهم الثقافي الواسع، دفعهم الى هذه التجربة الصعبة. ومع الدوافع القيمة والنتائج الباهرة لهذا المجتمع الفذ، فإن هؤلاء الجيران، ساهموا في الكتابة التدوينية لأجل القضايا المشتركة والمصلحة العامة، جعلت مجتمع التدوين يقطع أشواطاً إضافية ونسقاً جديداً، لعل أهمها (الإنتفاضات والحملات التدوينية) والتي تتناول احداثها الصحافة، لكن ما من احد اشار، مجرد اشارة للتدوين وهذا ما يدعو الى الغرابة فعلا كأنما التدوين جهد ثانوي لايستحق الإشارة الى أهميته.
ان مجتمع التدوين مدعو الى تعضيد هذه التجربة الإفتراضية الصعبة وتسليط الأضواء عليها لا بالتحليل، فهذا شأن شيوخه ومن لهم التجربة العميقة، ولكن بالإشارة إليها والإعلان عنها، لأنها تشكل رافدا جديدا في نهضتنا بشكل مختلف، (لإختلاف مشاربنا وطرق تفكيرنا) ودعوة الى تعضيد المدون الصادق الحقيقي وكفانا الإشتراك في لعبة العلاقات الشخصية.

الجمعة، 2 نوفمبر 2007

سينما العنف وثقافة التسلية

لايخلو هذا العنوان من طرافة وتشويق، كما أن موضوعه يحتاج إلى عمق في التحليل، والبصيرة الثاقبة في الوقت نفسه. لقد كُتبت مجموعة من المقالات كتبها عدد من المتخصصين عن ((سينما العنف)). وأضاف الناقدون تحليلاتهم ومنهم المؤيد والمعارض.
لكن يبقى السؤال الجوهري مطروحا والذي يجمع بين المقالات المختلفة التي كُتبت في هذا الصدد، هو هل يجب أن تزيد، أو تقل، أفلام العنف؟
الملاحظ أن موجة هذه الأفلام، ذات الميزانيات الضخمة التي تزداد باستمرار، وما يصاحبها من معجزات الأعمال الخارقة، والمؤثرات الخاصة تكتسح من طريقها كل شيء. ويتفق كل من كتبوا عن سينما العنف ان هذا البحر الزاخر بهذه الأفلام يعبر عن حدوث تحول جذري في ثقافة التسلية.
هناك منهم من يقول صراحة ((أحب أفلام العنف))، والثاني يقول ((أحب أفلام العنف الجيدة))، وثالث يشرح موقفه ((يبدو لي ان التفكير في العنف يجعلني اشعر بارتياح، ويهدئ من روعي ويطهر روحي)). ويعترف آخرون بأنه عقب مشاهدة أحد أفلام العنف شعروا باستمتاع رغم انهم يقرون في نفس الوقت بأن كل هذا العنف لايمكن إلا أن يكون مناقضا لمعنى الثقافة الراقية.
ويذكر أحد النقاد، أننا يجب أن نأخد أعمال السينما الأمريكية على سبيل المثال على مأخد من الجد فبعد انتهاء الحرب الفيتنامية، وما اسفر عن ذلك من انحطاط الروح المعنوية في المجتمع الأمريكي، اصبح هذا المجتمع في احتياج شديد لنمط جديد من الأبطال الخارقين للعادة لكي تتم من خلالهم ترميم وإعادة بناء الكبرياء الأمريكية المهيضة. وثبت أن لصناعة السينما في هوليولد معنياً لاينضب ابداً في هذا المجال. ان المشاهد المعاصر الذي يرى الأسلحة العجيبة التي في حوزة هؤلاء الأبطال، يدرك جيداً ان المسألة كلها خيال في خيال وهو يعي جيداً أنه يستمتع بما يراه من أجل المتعة فقط لا من أجل الخروج من السينما لكي يقلد من رآهم على الشاشة.
ويمضي ناقد آخر خطوة أبعد قيقول ان سينما العنف تمثل ثورة بركانية للعقائد الوثنية البدائية الموجودة في صلب الحضارة الغربية. ان المشاهد يشعر بفرح شديد عندما يجد البطل يدخل احد المحال ويقوم بتحطيم كل شيء موجود على الأرفف به وهو يتخيل أنها رؤوس أعدائه وخصومه.
لكن دعونا نخرج بخلاصة وهي : ماذا يحدث، لو أن الأفلام جسدت العنف المعتاد في الحياة اليومية بالضبط ودون زيادة أو نقصان؟.. ان المشاهد سيتوقف نهائيا عن الذهاب للسينما.
مارأيكم؟.