الجمعة، 2 مارس 2007

مقهى الدموع

لي صديق حزين دائما وأبدا.
ويبدو لي أن في دواخله اليأس التام.
يكفي أن تطل عليه في الصباح وتقول له: "تحية طيبة ... ما الأخبار؟ " حتى يبدأ بقراءة نشرة أخبار العالم: "فلان إنتحر في أمريكا، زلزال في الصين، وإغتيال في العراق، الإنفلونزا في السعودية، غلاء في المغرب، إنقلاب في لبنان... " وتصم أذنيك عما تبقى، حتى يهدأ ويلتقط أنفاسه. فإذا إلتقطها سألك: "ماذا تحب أن تشرب؟ " فإذا قلت له ((قهوة))، قال لك: "وكيف تحبها؟ حزن زيادة ... أم كآبة قليلة؟ ".
وتوشك أن تضحك وأنت تتوهم أنه ينكت، لكنه لايدع لك مجالا للشك، والوهم، إذ سرعان ما يبدأ بسرد نشرة أخبار العالم العربي، وكأن هذا الوضع بات مرتبطا لديه بسواد القهوة، أحدهما يذكر بالآخر.
وهو إذا حدثك عن العرب، فإن عباراته لا تخرج عن نطاق الكلمات التالية: إنحطاط، إنهيار، ذل، هوان، هزيمة، خلاف، شقاق، نفاق...
ولايتوقف حتى يجثم على قلبك جبل من الهموم، وينشر غربان اليأس في سماء أملك، وتكاد الدموع تطفر من مقلتيك، فتسارع إلى مغادرته دون أن تشرب فنجان القهوة، خوفا من البقية الباقية من قدرتك على الفرح.
لكن، وقبل أن تبتعد، يناديك مذكرا: (الحقيقة مؤلمة دائما)، والأخبار دائمة غير سارة. لاتؤلمني الحقيقة، بل يؤلمني أن يكون بيننا من فقد الأمل من مواجهتها.