الجمعة، 5 يناير 2007

العلمانية تعزز من سوء التفاهم مع الإسلام

لقد أثارت مدونة: " نكنييف الحنون " في عالم التدوين عواصف من المساءلات وردود الفعل المتباينة. وذلك إبتداء من الدفاع المطلق عن صاحب المدونة وماورد فيها من تجديف على الله ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم، بإسم حرية التعبير وحقوق الإنسان، وعبورا بالمطالبة بمحاكمته وتراجعه عما سبب من إساءة بالغة لمشاعر الجماعة الإسلامية. وإنتهاء بأمر حذف المدونة. هذا فضلا عن التظاهرات الإحتجاجية المستنكرة له. التي عمت هنا وهناك على الواقع الإفتراضي وإنشاء بعض المواقع الغيورة والتي تهدف إلى وقف الإساءة برب العباد، وشخص الرسول، ودين الإسلام. من خلال مثقفين مسلمين ضده. وإجتنابا لردود الفعل العنيفة على هذه المسألة سأحاول رصدها من خلال هذه المقابلة مع المدون سعيد ناصر بصفته مثقف مسلم غيور على دينه.
ـ ..........: ما حكمك على مدونة " نكنييف الحنون " ؟
ـ سعيد ناصر: إن المدونة عبارة عن مقالات، ومن إختصاص النقد الديني وأهل الدين أن يتعرضوا لها، في المقام الأول، لكن هذه المدونة تمس المقدس الجوهري في كل وجود إنساني والمكونة لكل مجتمع. وإني لأعرف مجتمعا سواء كان قديما أو حديثا لم يُجذر واقع وجوده في مقدس منتشر بالضرورة. إني أرفض مبدئيا القول بأن الكاتب له الحق بقول وكتابة كل شيئ. وقد إرتكب نكنييف الحنون أكثر من حماقة. بإعتبار الله وشخص النبي مقدسا بالنسبة للمسلمين ولا بد من إحترامه كما هو. سواء مجال التخيل الأدبي أو في مجال التعبير عن وضع معين. كما أن المدونة إقترنت في أكثر جوانبها على الإساءة البالغة لله ونبيه وبمشاعر الجماعة الإسلامية .
فأقول: لا لهذه المدونة لأنها لم تكتف بإستخدام رموز وصور متعلقة بالتاريخ الذاتي لمجموعة. إنما يرجع إلى حوادث كانت في أصل الإسلام وإلى مُثل تخص الوجود الإنساني. كون النبي هو مثال الوجود الإنساني. ووظيفته إبلاغ الرسالة عن طريق الوحي .
ـ ..........: بوصفك مثقفا مسلما ماهو إنطباعك على ما كتب فيها ؟
ـ سعيد ناصر: بالنسبة لي تعتبر هذه المدونة أكبر من قضية لأنها تمس الضمير العالمي وليس الضمير المسلم .
إني أرفض هذا التجدديف على الله والرسول محمد بإسم حرية التعبير وحقوق الإنسان والتي تعتمد فيه على مراجع زاعمة أنها علمية وعقلية. هذه الثقافة العامة مطبوعة بفلسفة عصر الأنوار فقط. لاشك في أنها سمحت بتطورات واقعية وخاصة في تأكيدها حقوق الإنسان إلا أنها أصبحت اليوم متجاوزة في الإطار الثقافي .
ـ ..........: وماذا عن شخص المدون ؟
ـ سعيد ناصر: لقد إهتز الضمير المسلم هو أيضا من هذه المدونة كما هزتني في العمق. لكن هل تتفقون معي في أن الموضوع لايقف عند هذا الحد ـ إن الوضع الإنساني الذي يفترضه الخطاب النبوي يرجع إلى الآخر المطلق الذي نستطيع تسميته بالله. والذي لابد من قوله أن صاحب المدونة مرجعه هو الفكر العلماني المنبثق عن فلسفة عصر الأنوار. هذا الفكر الذي همش مطلق الله .
ـ ..........: ماذا يمكن أن تقول أيضا ؟
ـ سعيد ناصر: هذا الشخص وقع له سوء تفاهم مع الإسلام. ضمن فكر مقتصر على وضعية وتاريخانية واحدة. وليعلم علم اليقين أن الوضع الإنساني تحقق على حساب ثقافة دينية وعلى حساب دعوة روحية للإنسان فتحها له الوحي بدون أن تكون مفصولة عن التجربة النبوية. { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} .
ـ ..........: ما تتمناه إذا هو الرجوع إلى الدين الإسلامي .
ـ سعيد ناصر: إن إغفال دور الدين في المجتمع وإعتباره ((لعنة)) حلت على البشرية كما يروج البعض، تحت شعار أنه يهدد ((مكاسب العلمانية)) يعتبر إجحافا خطيرا وإنتقاما مشينا لكل ما يحمله من قيم إنسانية وأخلاقية للمجتمع بل يعتبر إستعلاء وإحتقارا لمشاعر وأحاسيس الغالبية المؤمنة به. مما يجعل العلمانية، نخبة مستكبرة ومنغلقة على هموم المجتمع تريد فرضها كدين جديد من أجل أن تضفي على قوانينها الزمنية هالة قدسية متعالية على حساب الأديان الأخرى .
فإذا كان سعيد ناصر أو غيره يطالب بإعادة إدخال الله والوحي المقدس إلى المجتمع دون تمييز -وهنا تكمن نقطة الضعف- مابين ماهو ثابت في الدين وماهو متغير من قوانين زمنية مستوحية منه، فهذا على أي حال لا يقلل ولايبرر قط إهمال أو إقصاء ماطرحه هو من مساءلات قيمة جديرة بالإهتمام والمناقشة، بل كفيلة بفسح المجال لإرساء المقدمات الأولى لقواعد الحوار البناء للإسلام .
هذا وقد قال الله في كتابه ((القرآن الكريم)) سورة النساء الأية 136 : { يا أيها الذين ءامنوا ءامنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا } .
ورب قارئ يسأل لم حفل القرآن بأخبار ماسبق من الأديان حتى إكتمال رسالة الإسلام؟ والجواب بسيط ... لأن الإسلام دعوة عالمية لإيمان إلى جميع الناس ... ولأن الدين عند الله الإسلام. {إن الدين عند الله الإسلام } {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} .
وللأنفس الملحدة يقول الله الكريم: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} ومن أين لهم البرهان إن هم إلا يخرصون . ويطول الحوار معهم في أناة وصبر ... يدعوهم القرآن للهدى والإيمان ولكنهم يودون رد المؤمنين إلى الكفر حسدا من بعد ما تبين لهم أنه الحق من الله .بعد كل هذا فلنقرأ قوله تبارك وتعالى : {فإن ءامنوا بمثل ما ءامنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم }.