الجمعة، 20 أكتوبر 2006

عيد الفطر في الأدب العربي

كما ألهم شهر رمضان الكريم نفوس الشعراء ووجدانهم بما يثير فيهم من سمو روحي وحب للخير والبر والتقوى، كذلك نجد أن عيد الفطر أنتج أدبا غزيرا وشعرا خصيبا في أغراض لم تكن موجودة في الشعر العربي القديم. وأعني بذلك شعر التهاني والتبريكات الذي كان الشعراء العظام يرفعونه إلى الخلفاء والأصدقاء والأهل والأحباب. وهذا الشعر وإن كان إمتدادا للمديح إلا أنه يختلف عنه في أنه يقترن بأفكار وقيم إسلامية وعادات إجتماعية .
فزكاة العيد من أجل المبادئ الإجتماعية التي شرعها الإسلام فريضة تناهض السلبية والفردية في الحياة فتجعل من المواطن إنسانا إجتماعيا يحس بحركة المجتمع ويحس بآلام الآخرين وواقعهم. والزكاة فوق ذلك تأتي بتوازن يحس فيه الفقير بأنه غير مهمل أو منسي ويحس فيه الغني بلذة الرحمة وشعور التعاطف والتضامن مع إخوانه. فيها تدعم المودة والألفة بين الناس. وإستمع إلى قول أحدهم :
هذا العيد فلتصف النفوس به // وبذلك الخير فيه خير ما صنعا
أيامه موسم للبر نزرعه وعند // ربي يجني المرء ما زرعا
تعهدوا الناس فيه: من أضربه // ريب الزمان، ومن كانوا لكم تبعا
وبددوا عن ذو القربى شجونهم // دعا الإله لهذا والرسول معا
وقيل أيضا :
وبإسمك عزت في الخطاب منابر // بأسعد عيد عاد بالسعد أو الفطر
ولاح لنا فيه هلال كأنه // يشير بفتح منك أشرق بالبشر
وأسفر عن زهر النجوم // كأنها جبينك من خلائق الزهر
إن الشعر الذي قيل في موسم عيد الفطر في التهاني كثير لا سبيل لحصره ولا يخلو من نفاق أو مبالغة في بعض الأحيان. وإستمع على سبيل المثال إلى قول المتنبي يهنىء سيف الدولة :
الصوم والفطر والأعياد والعصر// منيرة حتى الشمس والقمر
ترى الاهلة وجها عم نائله // فما يخص به من دونها البشر
ما الدهر عندك إلا روضة أنف // يامن شمائله في الدهر زهر
وما أن يوشك الشهر الفضيل على الإنتهاء حتى تبدأ الإستعدادات لكعك العيد بين الأهل وعرض الموائد من ألوان الطعام.
وهنا أتذكر قولة الشاعر عبد الله بن المعتز حيث يقول :
قد إنقضت دولة الصيام وقد // بشر سقم الهلال بالعيد
يتلو الثريا كفاه شره // يفتح فاه لأكل العنقود
فالبيتين يعكسان الأثر النفسي الذي يؤثر على الشاعر فهو يتمنى سرعة زوال شهر رمضان وبداية عيد الفطر، بداية عرض الموائد المختلفة الأشكال والألوان من صنوف الأكل والحلوى والشرب.
ومن طريف ما يروى أن احدهم كان يحذر الناس من أضرار أكل الكعك، بسبب الميزانية الضخمة لإعداد كعك العيد ـ
يقول:
إن كنت تسمع نصيحتي والنصيحة تفيد // قلل من الأكل ما أمكن بدون ترديد
وأكل الكعك بعد الصوم نهار العيد // يجيب عيا للكبد وتخسر المعدة
وكل مايزيد دسم يكبر ضرر ويزيد
حسبنا أن نعلم أن ملايين الدراهم تنفق كل عام في كل بلد عربي على كعك العيد وأخته الغريبة. فقد صدق صاحبنا بنصائحه. فالتكاليف ثقال.
كل الكعك في العيد فليس الضرر إلا في الجيب
يقول الشاعر علي الجندي:
ما الكعك أن احطت به خبرا // سوى محنة لها أذيال
ومهما يكن من أمر فرغم ثقل التكاليف فالعيد يمر بالسعد والغبطة والإقبال على ما لذ وطاب.
عيدكم مبارك سعيد. وكل عام وأنتم بخير.