الجمعة، 6 يونيو 2008

كلمة فلسطينية

بعد نحو 60 سنة من احتلالها رسميا، لاتزال معركة فلسطين الأولى هي معركة تحريرها الحقيقي.
بالطبع هناك إجماع فلسطيني على أن معركة التحرير لها الأولوية الآن. لكن مقابل ذلك هناك ((سوء فهم)) لدى بعض الفلسطينيين حول مضمون هذا التحرير وطبيعته.
فتحرير فلسطين الحقيقي لايعني ((تحريرها)) عن عروبتها وعن روابطها القوية مع الدول العربية، كما يرى البعض. كما أنه لايعني تحريرها عن النزاع مع إسرائيل وعن الموقف الموحد تجاه الأخطار والمطامع الصهيونية المتعددة، كما يتصور البعض، لأن إسرائيل لاتعفي فلسطين من مطامعها بل ان لها فيها ((حصة كبيرة)). وتحرير فلسطين الحقيقي لايعني تكريس انتصار فئة على فئة، وتجريد نصف الفلسطينيين من فلسطينيتهم على أساس أن لديهم تصورا للوطن مختلفا عن تصور النصف الآخر. كما أن تحرير فلسطين لايعني مسايرة الدول العربية وتنفيذ خططها ولو كانت على حساب روابط هذا البلد العربية على أساس أن العرب ((خيبوا أمل فلسطين ولم يقفوا معها كما يجب)) كما يقول البعض.
والواقع أن الفلسطينيين بأكثريتهم، يؤمنون بأن تحرير فلسطين الحقيقي يبدأ بتحريرها من السيطرة الإسرائيلية، سواء اتخدت هذه السيطرة شكل الوجود العسكري - وما يرافق ذلك من اشعال الفتن - أو اتخدت شكل اقامة علاقات قوية مع بعض القوى الفلسطينية بحيث تخدم أهداف الحكومة الإسرائيلية، أو اتخدت شكل ((تطبيع)) العلاقات بحيث تصبح فلسطين امتدادا لإسرائيل وربما استكمالا لها على الصعيد السياسي والإقتصادي والعسكري.
والشعب الفلسطيني يدرك تماما أنه يخوض الآن أصعب معركة لتحقيق تحرير فلسطين.
فهو لايحارب فقط عدواً خارجياً، بل يحارب أيضا عدواً داخلياً. وهو لايحارب فقط خصوماً مكشوفين بل يحارب أيضا خصوماً متسترين بثياب الصداقة والود.
وكان الشعب الفلسطيني يأمل، في ذكرى الإحتلال التي صادفت النصف الثاني من الشهر الماضي، أن يكون التحرر من الإسرائيليين هذا العام. لكن ذلك لم يحدث، ربما لأن الوعود الغربية لم تتخد شكل الضمانات.
لكن استمرار الإحتلال الإسرائيلي ليس إلا دليلا إضافيا على أن الطريق الذي يسير فيه الشعب الفلسطيني هو الصحيح، وان اصراره على إبقاء فلسطين ضمن الأسرة العربية يجعل إسرائيل تتصلب ولاتتساهل وتضع شروطاً تلو الشروط.
فالشعب الفلسطيني ليس حليفا لإسرائيل ولاصديقا لها، بل هو يعتبر إسرائيل خصم فلسطين الرئيسي. وهو يريد تحريراً حقيقياً لاوهمياً، لذلك فإن معركته ستكون طويلة.